شدد سماحة مفتي زحلة والبقاع, الدكتور الشيخ علي الغزاوي خلال خطبة الجمعة التي ألقاها في بلدة السلطان يعقوب التحتا, على المسؤولية العظيمة الملقاة على عاتق الأمة الإسلامية, خاصة في ظل الأوضاع الراهنة التي تشهدها المنطقة بعد مرحلة وقف إطلاق النار على لبنان. وذكّر بأن الأمة قد انتقلت من "الجهاد الأصغر" إلى "الجهاد الأكبر", مؤكداً ضرورة مواجهة التحديات الفكرية والاجتماعية لتعزيز وحدة الأمة.
وأكد سماحته إلى استمرار الاحتلال في سياساته العدوانية, قائلاً: "العدو لن يغيب, وإن غاب لحظات وأياماً فإنه يعدّ العُدة حتى لا يبقي في الأمة أحداً".
وأشار سماحته إلى أن العقود والعهود التي كُتبت لوقف إطلاق النار قد تُبرم في لحظة, إلا أن تنفيذها والتزامها يتطلب وقتاً طويلاً وعملاً وقال: "صحيح أن القرارات الدولية والمحلية قد تُساهم في تراجع العدو, ولكن تأكدوا أن العدو لن يغيب ولن تزول المصائب التي يصبها على أمتنا. إن اليد التي اعتادت على نقض العهود جيلاً بعد جيل ستبقى ممتدة في الأبناء والأحفاد".
واستشهد سماحته بقول الله تعالى: (أَوَكُلَّمَا عَاهَدُوا عَهْدًا نَبَذَهُ فَرِيقٌ مِّنْهُمْ).
وأكد سماحته أن فلسطين ستبقى القضية المركزية والمحورية, مشدداً على أن نصرة الشعب الفلسطيني هي واجب على الأمة العربية والإسلامية بأسرها, قائلاً: "ستبقى فلسطين القضية المحورية وستبقى الاختبار الاول التي على الامة كلها عربية وإسلامية أن تنتصر لهذه المظلومية".
وفيما يخص الشأن اللبناني, أشار سماحته إلى أهمية أن يبقى لبنان جزءاً من القضايا العربية والإسلامية الكبرى, محذراً من خطورة سيطرة بعض الجماعات على الساحة اللبنانية, قائلاً: "ينبغي أن لا يترك لبنان يعيش قضية الغير من خلال بعضٍ يريد أن يمارس الغير مسموح به على ساحة لبنان ويتقاتل مع الغير على حساب دمائنا وأبنائنا, نحن دمائنا وابنائنا من أجل قضيتنا الكبرى لتكون تلك الإمكانيات جسراً لوصول الأمة لقضاياها الكبرى"
وأكد أن قدرة ابنائنا يجب أن تُستثمر من أجل قضايا الأمة لا أن تُستنزف, لمصالح الإخرين , وهذا الأمر يجب أن يكون حتمياً من خلال المسلك السياسي لكل الأطياف في لبنان".
كما رحب سماحته بعودة النازحين إلى ديارهم بعد معاناة طويلة, مشدداً على ضرورة أن يعيش الجميع في أمن وكرامة, وأضاف: "اليوم اذ نعيش شيئاً من الطمأنينة لا بد أن نستذكر وأن يعيش إخواننا في وجداننا وأن يعود كل محروم إلى أرضه, فعودة حميدة لأهلنا الذين غابوا عن ديارهم وعن أهلهم وأرضهم, وشكراً لمن كان لإخوانه معينا في هذه الظروف القاسية التي مرت على بلدنا وخرج البلد منها بصورة اجتماعية رائدة".
وحذر سماحة المفتي من تفشي المخدرات التي تستهدف الشباب, داعياً إلى تكاتف الجهود لمكافحة هذه الآفة, قائلاً: "علينا أن نعد اتفاقاً على حرمة دولتنا وقيام مؤسساتنا وتربية شبابنا على القيم والشريعة ليكونوا جزءاً من كينونة المجتمع وأن لا نسمح لأحد أن يغزو مجتمعنا بالمخدرات وأن لا يكون بلدنا مصدراً ولا حسراً لهذه السموم التي تفتك بمجتمعاتنا العربية".
وفي ختام خطبته, وجه سماحته دعوة صريحة إلى ضرورة استكمال بناء الدولة اللبنانية على أسس قوية وعادلة, قائلاً: "آن الأوان أن يكتمل عقد الدولة من خلال اكتمال إداراتها ومؤسساتها حتى تكون دولة قوية بأفرادها ومؤسساتها واقتصادها وأن تكون مشروعاً للحفاظ على العقول لا مشروعاً لتهجيرها".